قصتي مع المدرب فاريا – الحلقة 10

الكتاني: لقائي مع المعطي بوعبيد بأمر من الحسن الثاني.

– إذن، واجهت مشكلة في إيصال لائحة المدربين البرازيليين المقترحين الى القصر بسبب رفض القطاعات الوزارية القيام بالمهمة، فماذا فعلت؟

– لجات في آخر المطاف إلى علاقاتي الشخصية في القصر من خلال المرحوم علي بنيعيش، الحاجب الملكي سابقا، وأخيه السيد إبراهيم بنيعيش، أطال الله عمره، الذي كان يشغل منصب خليفة قائد المشور، حسب ما أعتقده، وكان حاضرا عندما كلفني الملك بالمهمة. فعمل على إخبار المستشار الملكي، أحمد رضی کديرة، بالموضوع. فاتصلت بي كاتبة هذا الأخير، وسلمتها اللائحة ثم غادرت، لتتصل بي بعد مدة وجيزة، وتخبرني أن جلالة الملك أخذ علما باللائحة، وأنه حدد لي موعدا مع السيد الوزير الأول، المعطي بوعبيد، في ساعة محددة، من أجل تزويده بالمعلومات حول المرشحين، أي أنه فوض إلى الوزير الأول اختيار المدرب من اللائحة فتساءلت في نفسي: «کیف لجلالة الملك أن يفوض الاختيار إلى الوزير الأول الذي يعتبر السيد السملالي من أقرب الناس إليه، خاصة في الميدان الرياضي؟ أليست طريقة غير مباشرة من الحسن الثاني لإعادة نوع من الاعتبار إلى السيد السملالي الذي سبق أن نزع منه هذا الملف؟ وهل سيكون ذلك على حسابي؟». شعرت بأنني وضعت في موقف حرج مرة أخرى، وانني مقبل على تعقيدات إضافية لا قبل لي بها، قد تفاقم مشاكلي مع كل هذه السلطات المختلفة التي لم تقبل مبدئيا بتكليفي بهذه المسؤولية من لدن الملك، علما أن مصدر كل تلك التعقيدات يكمن في أنني تلقيت تلك التعليمات مباشرة من الملك بشكل استثنائي، دون أن تطبق تلك التعليمات في الإطار نفسه، أي بشكل مباشر، وبمتابعة من الديوان الملكي وليس بتدخل من وزارة الشبيبة والرياضة ولا الوزارة الأولي، فهل سأكون ضحية تلك التوازنات السياسية بين القصر والحزب الذي كان يترأس الحكومة أنداك أي الاتحاد الدستوري وما ذنبي انا الذي عملت علي إنجاح تلك المهمة، التي لا تدخل في اختصاصي، بتفان وإخلاص، حتى أكون ضحية تلك التوازنات؟

– وماذا راج في لقائك مع الوزير الأول؟

– ذهبت لملاقاته في الوقت المحدد، فوجدت رفقته السيد السملالي كما توقعت، وهما من الحزب نفسه (الاتحاد الدستوري)، وكلاهما كانا من كبار مسنيري فريق الرجاء البيضاوي، وبعد اطلاعهما على اللائحة دافعت عن المرشح الرئيس، السيد ماريو ترافاليني، لكن الوزير الأول، وبعد اطلاعه على سيرته الذاتية، لاحظ أنه يتوفر على عدة شهادات جامعية، منها العلوم الاقتصادية وتسيير المقاولات، فقال: «هادا عالم ماشي مدرب.. خاصو يمشي يقري فالجامعة.. كيفاش غادي يتفاهم مع هاد الصلاكط ديالنا؟». فهمت من كلامه أن هناك محاولة التسفيه اقتراحي، وكأنه يقول لي إنني لست على علم بالوسط الكروي، وأنني تطفلت على ما لا يعنيني، فأجبته قائلا: «بغض النظر عن الشواهد التي يحملها، ما يهم هو كفاءته العالية في ميدان التدريب، وتصنيفه أفضل مدرب في البرازيل لسنة 1982»، وذكرت أنه مهتم جدا بتدريب فريقنا الوطني ويشترك معنا في الأهداف نفسها، أي التأهل إلى نهائيات كأس العالم المقبلة. فسالني: «كم يطلب كتعويضات مادية»، فقلت: «عشرة آلاف دولار، لكنه قد يكتفي بثمانية آلاف دولار في الشهر»، فرفض قائلا: «هذا مبلغ كبير، علينا البحث عن المدربين الذين لا يطلبون أكثر من ستة آلاف دولار»، ثم نظر إلى أسفل اللائحة واختار منها أحد المرشحين الذين كنت قد أضفتهم فقط على سبيل الاستئناس، كما أوضحت سابقا. فتساءلت مع نفسي: «ماذا يعني هذا الاختيار الذي لا يراعي فيه إلا الجانب المالي؟ هل يعني ذلك أن الوزير الأول لا يريدني أن أنجح في اقتراح المدرب الذي يتوفر على المواصفات التي طلبها الملك، أي مدرب جيد جدا؟ وهل يعمل بهذا الاختيار على إفشال مهمتي حتى يعود الملف إليهم؟

– ماذا حدث بعد ذلك؟

– أبلغني السيد الوزير الأول بأن الكلام انتهي، وأن على ان أنفذ أوامره، وأن أبعث المدرب الذي اختاره بمجرد عودتي إلى مقر عملي بريو دي جانيرو. ثم وقف وصمت، ما يعني أن على المغادرة، لكنني بقيت جالسا وأصررت على إبداء موقفي من هذا الاختيار، فقلت: «لقد اخترتم المدرب الذي لا يتوفر على المواصفات التي حددها الملك عندما كلفني بهذا العمل حين قال: « أبحثوا لنا عن مدرب جيد جدا للفريق الوطني، الشيء الذي أعتبره تغييرا واضحا للتعليمات الملكية، لذلك سأطبق أوامركم، وسأرسل المدرب الذي اخترتموه إلى المغرب في أقرب الآجال، لكن بمجرد التوصل كتابة باختياركم هذا»، غضب الوزير الأول أشد الغضب من كلامي، لأنه يتضمن شرط توثيق اختياره كتابيا، وتحميله مسؤولية ذلك الاختيار، فإذا به ينفعل وتتوتر، ويصيح في وجهي «كيفاش؟»، مشيرا إلي بالخروج من مكتبه.

– لماذا أصررت على توثيق اختيار الوزير الأول؟

– لقد عملت بنصيحة الكولونيل بلمجدوب، فهم يريدون أن يحملوني مسؤولية اختيار المدرب الأقل كفاءة، وإذا لم ينجح أتحمل أنا المسؤولية. لقد حذرني منهم المرحوم بلمجدوب منذ الوهلة الأولى، متوقعا أنهم سيعملون على إفشال مهمتي ومحاربتي بكل الوسائل وكان هم السيد الوزير الأول هو تعقید مهمتي ولو على حساب مصلحة الفريق الوطني.

– وكيف كان الحل؟

– عند عودتي إلي ريو دي جانيرو، وجدت نفسي في مأزق كبير، فالوزير الأول ووزير الشبيبة والرياضة يرفضان تبلیغي اختيارهما كتابيا، والسيد السفير يعتبر أنني أقوم بعمل لا يندرج تحت سلطته، ولا يخضع اللمساطر الإدارية المعتادة، وشاطره في رأيه السيد الكاتب العام لوزارة الخارجية، أما السيد السملالي، الذي كان يتصل بي بشكل شبه يومي، فكنت أشعر بأنه كان يجاملني لأنه مكلف من جلالك الملك بمتابعة عملي في هذا الملف وإبلاغه بالنتائج. ما كان مطلوبا مني هو أن أبعث إليهم المدرب الذي اختاروه شفويا، وأنا أصر على التوصل بأمر مكتوب من جانبهم، وهو الشيء الذي اعتبروه تمردا على سلطتهم، في حين أنني لم أرفض تطبيق أوامرهم، وإنما طالبت بأن تكون التعليمات مكتوبة وليست شفوية وهو حق مشروع إداريا.

جريدة اخبار اليوم: الإثنين 16 يوليوز 2018